مقدمة
في كلمة ألقاها في 22 يوليوز2025، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن العالم يشهد تحولاً تاريخياً نحو الطاقة النظيفة، مشبهاً إياه بالثورات السابقة في تسخير النار والبخار وانشطار الذرة. وأشار إلى أن الوقود الأحفوري "يُشرف على الاختفاء"، بينما تشرق الطاقة المتجددة كبديل اقتصادي ومستدام، مدعومة باستثمارات متزايدة وانخفاض تكاليف الإنتاج.
التقدم في الطاقة المتجددة
استند غوتيريش إلى بيانات حديثة من الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، موضحاً أن الاستثمارات العالمية في الطاقة النظيفة بلغت 2 تريليون دولار في العام الماضي، بزيادة 800 مليار دولار عن الاستثمارات في الوقود الأحفوري، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 70% خلال عقد. كما أصبحت الطاقة الشمسية أرخص بنسبة 41% من الوقود الأحفوري، وطاقة الرياح البحرية أرخص بنسبة 53%. وأنتجت المصادر المتجددة أكثر من 90% من الكهرباء الجديدة بتكلفة أقل من أرخص بديل أحفوري جديد. وأضاف أن الطاقة المتجددة شكلت ثلث إنتاج الكهرباء العالمي، وتضاهي الوقود الأحفوري في القدرة الإنتاجية المركبة.
الفوائد الاقتصادية والأمنية
أكد غوتيريش أن التحول إلى الطاقة النظيفة ليس مجرد ضرورة مناخية، بل فرصة اقتصادية وأمنية. وأشار إلى أن الطاقة النظيفة ساهمت في 10% من نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2023، مع مساهمات بارزة في الصين (20%)، الاتحاد الأوروبي (33%)، والولايات المتحدة (6%). كما أوضح أن قطاع الطاقة النظيفة يوظف 35 مليون شخص عالمياً، متجاوزاً الوظائف في قطاع الوقود الأحفوري. وأشار إلى أن ولاية تكساس، المعروفة بصناعة النفط، أصبحت رائدة في الطاقة المتجددة بالولايات المتحدة بسبب جدواها الاقتصادية.
من ناحية الأمن، شدد غوتيريش على أن الوقود الأحفوري يُعرض الاقتصادات لتقلبات الأسعار والاضطرابات الجيوسياسية، مستشهداً بأزمة الطاقة العالمية الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، والتي أدت إلى ارتفاع تكاليف الطاقة المنزلية بنسبة 20%. في المقابل، توفر الطاقة المتجددة استقراراً وسيادة طاقية، حيث يمكن لكل دولة استغلال مواردها من الشمس والرياح لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تحديات العدالة في التحول
أشار غوتيريش إلى أن التحول إلى الطاقة النظيفة يفتقر إلى العدالة، حيث تستحوذ دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والصين على 80% من القدرات الإنتاجية المتجددة، بينما تحصل أفريقيا على 1.5% فقط، رغم امتلاكها 60% من أفضل موارد الطاقة الشمسية. وأكد أن البلدان النامية تواجه استغلالاً في استخراج المعادن الحرجة اللازمة للطاقة النظيفة، داعياً إلى تنفيذ توصيات فريق الأمم المتحدة بشأن العدالة في سلاسل التوريد.
الإجراءات المطلوبة
قدم غوتيريش ستة مجالات لاغتنام فرصة التحول إلى الطاقة النظيفة:
خطط مناخية وطنية جريئة: دعا الدول، خاصة مجموعة العشرين، إلى تقديم مساهمات محددة وطنياً قبل مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) في البرازيل، تتضمن أهدافاً لمضاعفة كفاءة الطاقة وثلاثة أضعاف القدرات المتجددة بحلول 2030، مع إنهاء دعم الوقود الأحفوري.
بناء نظم طاقة حديثة: حث على زيادة الاستثمارات في الشبكات الكهربائية والتخزين لمواكبة نمو الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن الطاقة المتجددة المنتظرة للتوصيل بالشبكات تفوق ثلاثة أضعاف ما أُضيف في 2024.
تلبية الطلب المستدام: دعا إلى تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، خاصة من مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول 2030.
تحقيق تحول عادل: أكد على ضرورة دعم العاملين في قطاع الوقود الأحفوري والمجتمعات النامية لضمان عدالة التحول.
تعزيز التجارة والاستثمار: دعا إلى تقليص الرسوم الجمركية على تقنيات الطاقة النظيفة وإصلاح معاهدات الاستثمار لدعم التحول.
تمويل الطاقة النظيفة: حث على إصلاح الهيكل المالي العالمي وزيادة تمويل البلدان النامية للطاقة المتجددة، خاصة في أفريقيا، مع تقليل تكلفة رأس المال.
خاتمة
أكد غوتيريش أن عصر الطاقة النظيفة ليس مجرد وعد، بل حقيقة مدعومة بالاقتصاد والتكنولوجيا. ومع ذلك، شدد على أن التحول يحتاج إلى تسريع وعدالة لتحقيق أهداف المناخ والتنمية المستدامة. ودعا القادة إلى اغتنام هذه الفرصة قبل انعقاد الجمعية العامة في سبتمبر 2025، لتقديم خطط طموحة تضمن مستقبلاً مستداماً وعادلًا.
المراجع
كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، "الفرصة سانحة للتعجيل بعصر الطاقة النظيفة"، 2 أغسطس 20
تعليقات
إرسال تعليق