مشروع أنابيب المياه المحلاة OCP: استثمار استراتيجي يغير معادلة الأمن المائي والتنمية الصناعية بالمغرب

 يمثل تشغيل خط أنابيب المياه المحلاة، الذي يربط محطة الجرف الأصفر بمنجم خريبكة، خطوة استراتيجية تعكس التحول العميق الذي تعرفه السياسات المائية والصناعية في المغرب. المشروع الذي أعلنت عنه شركة OCP Green Water – الذراع المائي لمجموعة الفوسفات العملاقة OCP – ليس مجرد بنية تحتية جديدة، بل هو استثمار بنيوي يحدد ملامح الاقتصاد المائي والصناعي للسنوات المقبلة.


أبعاد اقتصادية: استثمار ضخم بعائدات مركبة

بلغت تكلفة المشروع 5 مليارات درهم مغربي، وهو رقم يعكس رهانات استراتيجية أكثر من كونه مجرد إنفاق رأسمالي.

  • على المدى القصير، ضخ المشروع 1.3 مليون يوم عمل، ما يعادل 1,300 وظيفة يومية طيلة عامين، مع اعتماد 85% من اليد العاملة المحلية، وهو ما شكل دفعة اقتصادية مباشرة للجهة.

  • على المدى المتوسط، سيخلق المشروع 100 وظيفة دائمة مرتبطة بالصيانة والتشغيل، لكنه – والأهم – يتيح تأمين استقرار عمليات إنتاج الفوسفات، المورد الأساسي للصادرات المغربية، ويضمن حماية هذا النشاط من مخاطر نقص المياه.

  • على المدى الطويل، سيؤثر المشروع على ميزان الأمن المائي الوطني، بتقليص الاعتماد على الموارد المائية السطحية بنسبة 80%، وهو ما يحرر موارد مائية حيوية للزراعة والسكان.


بعد استراتيجي: تحقيق استقلالية مائية قبل الأجل

نجحت مجموعة OCP في تحقيق الاكتفاء المائي بموقع خريبكة قبل عامين من الموعد المحدد (2027). هذا الإنجاز لا يعد نجاحاً تقنياً فحسب، بل يمثل ميزة تنافسية مهمة في صناعة تعتمد على استقرار الإمدادات المائية لتأمين نقل لبّ الفوسفات ومعالجته.

كما أن المشروع يتيح للمجموعة مرونة تشغيلية أكبر، ويعزز قدرتها على التوسع الصناعي دون الضغط على الموارد التقليدية. وفي سياق عالمي يتسم بشح الموارد وارتفاع تكلفة المياه، يشكل هذا الإنجاز عنصراً حاسماً في تعزيز تنافسية الفوسفات المغربي في الأسواق الدولية.


نموذج جديد للاقتصاد المائي: الطاقات المتجددة والاقتصاد الدائري

تعتمد OCP Green Water في هذا المشروع على 100% من الطاقات المتجددة، ضمن مقاربة الاقتصاد الدائري للمياه، ما يجعله مشروعاً متقدماً من حيث المعايير البيئية.
وتخطط الشركة لرفع قدرتها إلى 610 ملايين متر مكعب سنوياً بحلول 2027، لتلبية احتياجات منشآت صناعية جديدة وتزويد مدن أخرى مثل مراكش بمياه الشرب، وهو ما يفتح الباب أمام سوق مائية وطنية جديدة تجمع بين القطاع الصناعي والخدماتي.


انعكاسات على الاقتصاد المحلي والوطني

  1. على المستوى المحلي: المشروع يغير الخريطة التنموية في جهة خريبكة – بني ملال، ليس فقط عبر فرص العمل المباشرة، بل من خلال تحرير موارد مائية للفلاحة وتحسين تزويد الساكنة بمياه الشرب.

  2. على المستوى الوطني: يسهم في تحقيق رؤية المغرب للأمن المائي وتقليل تعرض الاقتصاد الوطني لصدمات مناخية مرتبطة بالجفاف.

  3. على المستوى الدولي: يعزز صورة المغرب كبلد رائد في الابتكار الصناعي الأخضر، ما قد يجذب استثمارات أجنبية إضافية في قطاعات مرتبطة بالطاقات المتجددة وإدارة المياه.


مصدر الصورة : industrie.ma

تعليقات