تشهد العلاقات الطاقية بين تونس والجزائر توترات متزايدة، حيث تواجه تونس أزمة طاقة متفاقمة تهدد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي. وفقًا لتصريحات النائبة التونسية فاطمة المسدي، أوقفت الجزائر تصدير الغاز الطبيعي إلى تونس، مما أجبر الأخيرة على استيراد الكهرباء من الجزائر بتكلفة مرتفعة، مما أثر سلبًا على المحطات الكهربائية التونسية وعلى الموازنة العامة.
ارتفاع تكلفة الكهرباء المستوردة
تشير البيانات إلى أن تونس تدفع حاليًا حوالي 33 دينارًا تونسيًا (ما يعادل 11 دولارًا أمريكيًا تقريبًا) لكل وحدة كهرباء مستوردة من الجزائر، وهو سعر يُعتبر مرتفعًا مقارنة بتكلفة الإنتاج المحلي السابق الذي كان يعتمد على الغاز الجزائري. هذا الارتفاع في الأسعار يفاقم الضغوط المالية على الاقتصاد التونسي، الذي يعاني من تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع الدين العام وتباطؤ المفاوضات مع مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي.
ديون متراكمة وتحذيرات من انقطاع الكهرباء
كشفت تقارير عن مطالبة الجزائر تونس بسداد ديون طاقية متراكمة تقدر بحوالي 400 مليار مليم (نحو 130 مليون دولار أمريكي). وقد أفادت مصادر أن الجزائر هددت بقطع إمدادات الكهرباء إذا لم يتم سداد هذه الديون في المدة القريبة القادمة، مما يثير مخاوف من تفاقم أزمة الطاقة في تونس، خاصة مع اقتراب حلول ذروة فصل الصيف الذي يشهد ارتفاع استهلاك الكهرباء.
الاعتماد على الغاز الجزائري
تعتمد تونس بشكل كبير على الغاز الجزائري، حيث يغطي حوالي 70% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، بينما يأتي الجزء المتبقي من الإنتاج المحلي. ويمر الغاز عبر أنبوب "ترانسميد" الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر الأراضي التونسية، مما يجعل هذا الأنبوب موردًا استراتيجيًا لتونس، إلى جانب دوره في تحقيق عائدات مالية من رسوم العبور. ومع ذلك، فإن قرار الجزائر تقليص إمدادات الغاز خارج الاتفاقيات الرسمية ورفع أسعار الكهرباء المصدرة أثار قلقًا بشأن تأثيرات ذلك على استقرار الطاقة في تونس.
تحذيرات من أزمة وشيكة
أعرب عبد القادر الجلاصي، الأمين العام للاتحاد العام للكهرباء والغاز في تونس، عن قلقه من أن استمرار الوضع قد يؤدي إلى أزمة كهربائية خطيرة، مشيرًا إلى أن الجزائر ترفض توفير كميات إضافية من الغاز التي كانت تونس تحصل عليها سابقًا خارج الاتفاقيات الرسمية، مما يحد من قدرة تونس على إنتاج الكهرباء محليًا. من جانبه، أشار النائب محمد علي فنيرة إلى أن تونس تعاني من عجز كبير في إمدادات الكهرباء، خاصة أن الجزائر تواجه بدورها تحديات طاقية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
سياق إقليمي وتحديات الطاقة
تأتي هذه الأزمة في ظل جهود تونس لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد، حيث تسعى البلاد لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة. ووفقًا لتقارير، تخطط الحكومة التونسية لتوليد 35% من احتياجاتها الطاقية من مصادر متجددة بحلول عام 2025، مع مشاريع تشمل محطات طاقة شمسية وهوائية بقدرة إجمالية تصل إلى 1700 ميغاواط خلال الفترة 2023-2025. ومع ذلك، لا تزال الطاقة المتجددة تشكل نسبة ضئيلة (حوالي 3%) من مزيج الطاقة في تونس، مما يبرز الحاجة إلى استثمارات أكبر في هذا القطاع.
استنتاج
تواجه تونس تحديات طاقية معقدة تتطلب حلولًا عاجلة، بما في ذلك إعادة التفاوض مع الجزائر حول شروط إمدادات الغاز والكهرباء، وتسريع وتيرة الاستثمار في الطاقة المتجددة. إن استمرار التوترات مع الجزائر قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة، مما يستدعي تحركًا دبلوماسيًا واقتصاديًا منسقًا لضمان استقرار إمدادات الطاقة وحماية المصالح الوطنية التونسية.
المصادر:
تقارير صحفية وتصريحات نقابية:
- "أزمة الطاقة في تونس... توقف محطات توليد وتهديدات جزائرية" (العربي الجديد، 22 مايو 2024).
- "تونس: أزمة كهرباء وشيكة تهدد البلاد" (الشرق نيوز، 22 مايو 2024).
- "صيف ساخن بانتظار تونس: أزمة طاقة وشيكة بعد توقف الجزائر عن تصدير الغاز" (بوابة تونس الإخبارية، 22 مايو 2024).
منشورات على منصة إكس:
- منشور للنائبة فاطمة المسدي، 21 مايو 2024، 11:47 صباحًا.
- منشور لمحمد علي فنيرة، 21 مايو 2024، 1:04 مساءً.
تقارير دولية حول قطاع الطاقة في تونس:
- "مخطط تونس لتطوير الطاقات المتجددة" (الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، مارس 2023).
- "تونس تسعى لزيادة حصة الطاقة المتجددة" (المفوضية الأوروبية، 2023).
تعليقات
إرسال تعليق