الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتوصلان إلى اتفاق تجاري بعد مفاوضات استمرت أشهرًا. الاتفاقية تشمل شراء الاتحاد الأوروبي للغاز الطبيعي المسال والنفط والوقود النووي الأمريكي. الهدف هو تنويع مصادر الطاقة الأوروبية واستبدال الإمدادات الروسية بحلول نهاية 2027.
تفاصيل الاتفاقية التجارية:
في خطوة وُصفت بأنها "أكبر اتفاق تجاري على الإطلاق"، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم 27 يوليوز 2025، عن توقيع اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تهدف إلى معالجة الاختلالات التجارية بين الطرفين. وتتضمن الاتفاقية التزام الاتحاد الأوروبي بشراء الطاقة الأمريكية بقيمة 750 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات، تشمل الغاز الطبيعي المسال (LNG)، النفط، والوقود النووي، وذلك في إطار سعي الاتحاد لتنويع مصادر الطاقة والتخلص من الاعتماد على الإمدادات الروسية.
وقال ترامب خلال مؤتمر صحفي عقد في أحد منتجعاته للغولف في اسكتلندا: "لدينا طاقة أكثر من أي طرف آخر، وكان قرارًا حكيمًا منهم شراء كميات كبيرة من الطاقة، فهذا يحل العديد من المشكلات". من جانبها، أكدت فون دير لاين أن هذه الصفقة ستعزز التعاون في مجال الطاقة بين الطرفين، مضيفة: "شراء منتجات الطاقة الأمريكية سيسهم في تنويع مصادر إمداداتنا وتعزيز الأمن الطاقي لأوروبا".
سياق الاتفاقية وسط التوترات الجيوسياسية:
تأتي هذه الاتفاقية في ظل جهود الاتحاد الأوروبي لتقليل اعتماده على الطاقة الروسية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022. فقد فرض الاتحاد حظرًا على واردات النفط الروسي المنقول بحرًا منذ ديسمبر 2022، ومنتجات النفط منذ فبراير 2023، مع خطة لوقف استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية 2027. وأشارت فون دير لاين إلى أن "الاتحاد الأوروبي لا يزال يستورد كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال الروسي عبر قنوات غير مباشرة"، مما يجعل هذا الاتفاق خطوة استراتيجية لاستبدال هذه الإمدادات بمصادر أمريكية "أكثر موثوقية وأقل تكلفة".
حجم الواردات وتحديات التنفيذ:
تشير التقارير إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى شراء طاقة أمريكية بقيمة 250 مليار دولار سنويًا على مدى ثلاث سنوات، لكن التفاصيل الدقيقة للصفقة لا تزال غير واضحة. في عام 2024، استورد الاتحاد الأوروبي 80.4 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال بقيمة 41.1 مليار يورو، و453.4 مليون طن من النفط بقيمة 261.8 مليار يورو، وفقًا لإحصاءات يوروستات. وكانت الولايات المتحدة المورد الأكبر للنفط بنسبة 15% وللغاز الطبيعي المسال بنسبة 50.7% خلال الربع الأول من 2025. لكن تحقيق الهدف الطموح بقيمة 250 مليار دولار سنويًا يواجه تحديات لوجستية، حيث إن إجمالي واردات الطاقة الأمريكية للاتحاد في 2024 لم تتجاوز 80 مليار دولار، مما يجعل الرقم المستهدف "غير واقعي" وفقًا لتحليلات بلومبرغ.
تفاصيل إضافية للاتفاقية: إلى جانب مشتريات الطاقة، تضمنت الاتفاقية خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على معظم الواردات الأوروبية من 30% إلى 15%، باستثناء الصلب والألمنيوم والمنتجات الصيدلانية. كما وافق الاتحاد الأوروبي على استثمار 600 مليار دولار إضافية في الاقتصاد الأمريكي، إلى جانب شراء معدات عسكرية أمريكية بقيمة وصفت بـ"مئات المليارات". وشملت الاتفاقية أيضًا إعفاءات جمركية على سلع استراتيجية مثل الطائرات وقطعها، وبعض المواد الكيميائية والمنتجات الزراعية.
ردود الافعال والتحليلات: وصف ترامب الاتفاقية بأنها "صفقة عظيمة للجميع"، بينما أشارت فون دير لاين إلى أنها تهدف إلى "إعادة التوازن" للعلاقات التجارية. لكن بعض المحللين، مثل دافيد أونيجليا من TS Lombard، اعتبروا الهدف الطاقي "غير قابل للتحقيق" بسبب محدودية الطاقة الإنتاجية الأمريكية وتعدد المنافسين الدوليين على الغاز الطبيعي المسال. كما أثارت الصفقة انتقادات في أوروبا، حيث وصف وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي بنجامين حداد الاتفاقية بأنها "غير متوازنة"، رغم الإعفاءات لبعض القطاعات الفرنسية مثل المشروبات الكحولية.
في الأخير تمثل هذه الاتفاقية خطوة كبيرة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع تركيز قوي على أمن الطاقة. لكن التحديات اللوجستية والاقتصادية قد تعيق تحقيق الأهداف الطموحة، خاصة في ظل المنافسة العالمية على موارد الطاقة. ومع استمرار المفاوضات الفنية في الأسابيع القادمة، سيكون على الاتحاد الأوروبي إيجاد توازن بين تلبية التزاماته وتأمين مصالحه الاقتصادية.
المراجع:
- بلومبرغ، "EU’s $750 Billion Energy Deal With Trump Looks Hard to Reach"، 28 يوليو 2025.
- رويترز، "US LNG producers soar as EU agrees to $750 billion in energy purchases"، 28 يوليو 2025.
- يورونيوز، "EU sets 2027 as deadline to phase out all Russian energy"، 6 مايو 2025.
- بي بي سي، "EU and US agree trade deal, with 15% tariffs for European exports to America"، 27 يوليو 2025.
- يوروستات، بيانات استيراد الطاقة لعام 2024.
تعليقات
إرسال تعليق