هل مستقبل ورش الانتقال الطاقي بالمغرب في حيص بيص؟

منذ ان برز خلاف عميق يتعلق بنوعية التكنولوجيا المعتمدة بالمشاريع الطاقية الكبرى للمغرب, فوجئنا منذ أيام خلت عن بتوقف المحطة الديناحرارية الشمسية “نور 3”بورزازات عن العمل بسبب عطل التصلب في خزان الأملاح المنصهرة, والسبب أخر يتعلق بالشلل الاداري الذي تعرفه هذه المحطات الطاقية في كل من ورززات وميدلت، وذلك إثر فتح تحقيق مع مصطفى البكوري، الرئيس المدير العام السابق لوكالة “مازن.” 


وقد تحدثت وكالة رويترز عن السبب الرئيسي في التأخير الحاصل في المشروع الطاقي الهائل ويرجع ذلك إلى الخلاف حول التكنولوجيا المعتمدة في محطة الطاقة الشمسية في ورزازات. وترى رويترز  كذلك أن مخططات مشاريع التحول الطاقوي في المغرب متخلفة في مجال الطاقة الشمسية، ورغم الطموحات الكبيرة والسقف المرتفع للأهداف المحددة بـ 2 جيجاوات، لم يتم تركيب سوى حوالي 41% منها.

ويعتبر المغرب من أكبر المعتمدين على المصادر الاحفورية في إنتاجه للطاقة الكهربائية عبر العالم وخاصة الفحم الحجري، الذي تتزايد وارداته لتبلغ 9,5 مليون طن سنة 2017، حسب آخر الأحصائيات الرسمية لسنة 2013.

ومع توقف المحطة الشمسية “نور 3” حتى شهر نونبر يثير بعض الخبراء والباحثين مشكلة استمرار اعتماد المغرب على هذا النوع من الطاقة الشمسية، الذي يسمى الديناميكا الحرارية. وتعتمد هذه التقنية على التخزين الحراري باستخدام الاملاح المنصهرة، ومن المعروف أن هذه التقنية جد صعبة وتحمل العديد من المخاطر.

أمين بنونة، الاستاذ الجامعي والخبير الطاقي و منسق مشروع "Innoproject"، قال “تثير هذه الحادثة تساؤلات حقيقية حول من أقنع المملكة المغربية باعتماد طريق الطاقة الشمسية الحرارية، وهو ما كلفها الكثير من الخسائر المادية.” كما أضاف بنونة  أن “على المسؤولين عن هذه المشاريع التخلي عن خيار المولدات الديناحرارية الشمسية للتحكم في استمرار استقبال الحرارة الشمسية وتخزين الفائض منها.” وأورد الخبير الطاقي أن “خيار التخزين الحراري الذي يراه المسؤولون سهلا هو في الحقيقة مكلف للغاية”، لافتا إلى أن “العطب الذي أصاب نور 3 سببه خيار التخزين الحراري”.

و علاوة على ذلك, فالقائمين على المركب الشمسي مطلوبون أن يجعلوا من الخزانات الحرارية التي تغذي المولدات معوض حقيقي لغياب أو نقص في اشعة الشمس المركزة أو الضوء الفولتي أو سرعة الرياح.” وذلك باختيار الزيوت او الاملاح المنصهرة المجربة الملائمة للمكان والزمان واستباق حدوث معوقات استغلالها و وضع سيناريوهات حلحلتها باسرع وقت ونجاعة.

وأكد الأستاذ بنونة أن “هذا العطل لا يمكن أن يؤثر على الإستراتيجية الطاقية التي أطلقها المغرب، ومن المستحيل أن تتأثر بهاته المشاكل، التي يجب الاسراع في حلها ”.

كما استدرك بنونة متفائلا قوله “لكنها لا تشكل سوى نسبة لا تتعدى 1 بالمائة من الإنتاج الشامل للطاقة بالمغرب، وهو ما يجب أن نلمس منه غياب أي تأثير واضح لهذا التوقف المعلن على الصعيد الوطني”. وتحتوي محطة “نور 3” على برج  لتجميع الأشعة الشمسية المنعكسة من حقل ألواح الهيليوستات، ويشكل الإنتاج بهذه المحطة حوالي 30 في المائة من الطاقة الإجمالية للمركب الشمسي بورزازات، 

وذكر الخبير ذاته تأنه سبق و أنه حدث خلل مماثل سنة 2022، مضيفا أن “نقاش التكنولوجيا المعتمدة في المركب لا يحوم حول البرج بحد ذاته، بل حول الأنابيب التي تجمع الطاقة المنعكسة من حقول ألواح المرايا و كذلك الزيوت الحرارية و الاملاح المنصهرة”.

وبين المتحدث متفائلا على أن “إن تقنية تركيز الطاقة الشمسية المعتمدة على الأبراج في محطة نور 3 هي الوحيدة، ولن يتم إعادة بناء أخرى، وحتى لو توقفت عن العمل، فإن ذلك لن يؤثر على الخيارات والسياسات المطروحة التي تتحرك في اتجاه مواجهة التكلفة المرتفعة.”

شدد الخبير في مجال الطاقة المتجددة والتغيرات المناخية عبد العالي الطاهري الإدريسي على “ضرورة اتخاذ المشرفين على مركب نور الشمسي خطوات مراقبة أكثر تقدما لتجنب مثل هاته الحوادث، خاصة أنها مشاريع إستراتيجية مستقبلية”.

وبين المتحدث ذاته أن “تكثيف المراقبة مهم للغاية، ليس فقط بالنسبة لنا نحن المغاربة، بل بالنسبة للقارة السمراء، حيث تعول على الرباط في هذا الانتقال المهم لتحقيق التنمية  الشمولية.”
وأضاف أن “هذا التوقف سيكون مرحليا، وظرفيا، خاصة أن هنالك مدة محددة مسبقا في شهر نونبر ليعود الإنتاج، وهي مدة معقولة لإصلاح الخزان المتضرر,” وسجل الخبير  أن طاقة نور 3 التي تبلغ 150 ميغاوات ويتوقع أن تستأنف العمل بعد شهر نونبر  القادم في واحد من أكبر مجمعات إنتاج الطاقة النظيفة بالعالم.








تعليقات