بمجرد تصفح و مراجعة بعض من المقالات الصحفية والعلمية والمقابلات التلفزيونية حول العرض المغربي للهيدروجين الاخضرالمنشور يوم 11 مارس 2024، عدة أسئلة بدأت تفرض نفسها.
إذا اقتصرنا في هذا المنشور على الطموح الوحيد المتمثل في التكامل الصناعي وخلق آلاف من فرص الشغل التي يبدو أن هذا القطاع يخلقها بالنسبة للبعض، فإنه في الأمر الواقع يشبه تماما ما كان يخطط له المغرب من قبل لبرامج ومشاريع الطاقات المتجددة بما فيها الشمسية والريحية، اذ أسفرت عن أسوأ النتائج مما كان متوقعأ: منها ضعف التكامل الصناعي والوظائف النادرة، وبالتالي لم تسجل أية مساهمة في التنمية الجهوية خلافا لما كان قد تم طرحه في مختلف اللقاءات الوطنية والدولية التي نظمت آنذاك على الصعيد الوطني. ومن ضمنها نستذكر، المؤتمر الرابع ومبادرة ديزرتيك الصناعية (DII)، الذي تم تنظيمه بعمالة الصخيرات يومي 30 و31 أكتوبر 2013.
وصحيح أن المقاييس تختلف بين الأمس واليوم، لكن مع العلم أن إمكانات التوظيف في مجال الطاقات المتجددة وفي قطاع الهيدروجين ترتكز أساسا على مستويات البناء والتركيب و تجهيز المعدات، مما يدعونا لزاما أن نتساءل وبكل جرأة و تجرد لماذا تتبنى كبريات الاقتصادات العالمية اليوم منحى الحماية, وعلى رأسها ألمانيا، فهل ستسمح لصناعاتها المتخصصة في هذا المجال ان تثبت أقدامها في إحدى دول الجنوب وخصوصا المغرب أو موريتانيا؟ و نحن نستشهد بما قالته رئيسة لجنة الخبراء التابعة لمجلس الهيدروجين الألماني (NWR) السيدة كاترينا رايشه حيث اشارت إلى أنه "يمكننا الحفاظ على سلاسل القيمة فقط بالهيدروجين و كذلك ضمان بقاء الصناعات الرئيسية بألمانيا". وبالحديث عن ألمانيا، تجدر الإشارة إلى أنه بعد نجاحها الكبير في إقناع الغالبية العظمى من حكومات العالم بالالتزام بفكرتها حول "Energiewende" في تسعينيات القرن الماضي، وهو مشروع الانتقال الطاقوي, حيث تمكنت هذه الدولة من فتح العديد من أسواق لها تحت علامة صنع بألمانيا لمدة تفوق 10 سنوات.
ومع ذلك، مع الأزمة الاقتصادية التي تدور رحاها في أوروبا منذ اعوام عديدة، وجدت ألمانيا مرة أخرى حلاً وصفته بالمعجزة إنقاذأ اقتصادها بصفة جزئية، وهذه المرة من خلال جعل الهيدروجين الاخضر منخفض الكربون كناقل طاقة المستقبل. وبذلك وضعت الأسس لتنصب نفسها الأولى عالميًا في مجال التقنيات لهذا الطوطم الجديد للصناعات الألمانية.
والسياسة التي تعتزم ألمانيا اتباعها هي أن تبيع لنا التكنولوجيا التي سيتعين علينا استخدامها لإنتاج الهيدروجين الذي سيصدر لها من بعد، إذا أثبت الهيدروجين على أنه ناقل طاقة "vecteur énergétique" في المستقبل, ليحل محل الوقود الأحفوري.
ويبدو أن الحذر بالنسبة لبلداننا الجنوبية ضروري فيما يتعلق بالمصالح القوية لبعض البلدان القادرة على توجيهنا نحو خيارات لا تزال في الواقع محفوفة بالمخاطر ويمكن أن تكون مكلفة لاقتصاد بلداننا.
مقتبس من مقال "الاستاذ ادرس الزجلي - جامعة ابن طفيل - القنيطرة - المغرب"
تعليقات
إرسال تعليق